تحركات الخماسية تنتظر انقشاع غبار الـ1701

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

هل أدّت الزيارة التي قامت بها اللجنة الخماسية الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى احباط محاولة اعادة الزخم الى الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي، سيؤدّي هذا الاحباط الى مرحلة طويلة من الجمود على هذا الصعيد؟

هذا السؤال مطروح في الاوساط السياسية والشعبية، بعد التحليلات التي صدرت عقب اللقاء، والتي ركّزت في غالبيتها، على ان سفراء الدول الخمس اقتنعوا بأن الوقت لم يحن بعد، لاعادة تحريك الملف الرئاسي، وان الفريق الذي يمثله رئيس المجلس، وفي طليعته حزب الله، ليس مستعداً في هذه المرحلة للبحث الجدي بأي اقتراح، لملء المقعد الرئاسي في قصر بعبدا.
هذه القراءات، وان كانت مبنية على وقائع سمعها الوفد في ساحة النجمة، الا أنها لا تعكس الواقع بدقة. وما يعتقد البعض انه استنكاف عن مواصلة مهمة البحث عن سبل المساعدة لانجاز الاستحقاق، ما هو سوى استراحة المحارب، ربطاً بالتطورات التي قد يشهدها الصراع، سواء في غزة، او في الجنوب اللبناني.
وفي هذا السياق، تشير المعطيات الى ان الدول الخمس المعنية بشكل مباشر في المساعدة في الملف الرئاسي، قررت ان الاولوية في المدى القصير ينبغي ان تكون لمسألة معالجة الوضع الجنوبي، بالتماهي مع احتمال حصول هدنة في غزة. وقد أعطى الاميركيون اشارة الانطلاق في عملية البحث عن حل للوضع الجنوبي، وتحديداً لاعادة الاتفاق على تنفيذ القرار 1701، وحرّكوا اموس هوكستاين في هذا الاتجاه. وخلافا ايضا لكل القراءات المغلوطة، من الواضح ان الموفد الاميركي حقق تقدما في زيارته الاستطلاعية الاولى، وليس دقيقا ما قيل في حينه، انه خرج بخفي حنين. وهو عاد اليوم، وفي جعبته مقترحات قد تساعد على الوصول الى اتفاق حول الوضع الجنوبي.

ومن خلال ما تسرب من معطيات عقب زيارته تل ابيب، من المؤكد ان الرجل لمس حقائق سمحت له بالتفاؤل النسبي. طبعا، لن تكون المهمة سهلة، ولن يتم تسجيل انجازات في وقت قصير، لكن المسار الظاهر حتى الان، يبدو وكأنه يقود الى خواتيم سعيدة.

هذه المعطيات هي التي تفسّر ايضا، مسارعة باريس الى ارسال وزير خارجيتها ستيفان سيجورني الى المنطقة، حيث زار دولاً عدة، بينها لبنان. وكان لافتا ما قاله في تل ابيب قبيل انتقاله الى بيروت، اذ أكد على اصرار فرنسا على ان يكون لها دور اساسي في كل الحلول المطروحة في لبنان. وهو بهذا الكلام، كان ينقل رسالة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ومفادها ان فرنسا لن تتخلى عن دورها الطليعي في بلد الأرز. وهذا الموقف كرّره الوزير الفرنسي امام المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في بيروت، مع التركيز دائما على اولوية منع توسّع الحرب، من خلال اعادة ضبط الساحة الجنوبية، وتنفيذ مندرجات القرار 1701.

وفي عودة الى الاستحقاق الرئاسي، بات من الواضح ان الدول المعنية قررت ضبط ايقاع تحركاتها الرئاسية، على وقع التقدّم الذي يمكن احرازه في ملف القرار 1701. وهذا يعني ان اعادة الزخم الى الاستحقاق الرئاسي، تنتظر ما ستسفر عنه التحركات الكثيفة القائمة اليوم لضمان تهدئة الجبهة الجنوبية، وابعاد كأس الحرب الشاملة عنها. مع الاشارة الى ان التهديدات الاسرائيلية بتوسيع الحرب نحو جنوب لبنان، تدخل مبدئيا في اطار حملات التهويل والضغط، في محاولة للوصول الى اتفاق ما. ومع ذلك، هذا لا يعني ان احتمالات الحرب مستحيلة، لكنها مستبعدة، ولن يُقدِم عليها اي طرف، سوى في ظروف استثنائية، ليست قائمة حتى الآن.

انطلاقا من هذه الوقائع، من البديهي ان عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت ستكون مؤجلة بانتظار ان ينقشع غبار التحركات التي يقوم بها الموفدون المولجون عملية انجاز الاتفاق حول الـ1701. وفي ضوء هذه النتائج سيتقرر شكل التحركات الرئاسية المقبلة. وهذا يعني ان الاجتماع المنتظر للجنة الخماسية في الرياض او باريس، قد يتأخر بعض الشيء للاسباب نفسها. وبعد هذا الاجتماع، يمكن ان نتوقع عودة الزخم الى تحركات الخماسية. واذا كان المسار على خط تهدئة جبهة الجنوب أثمر، من البديهي ان مهمة الخماسية على الخط الرئاسي ستكون اسهل. اما اذا تعثرت جنوباً، فان مساعي الخماسية ستكون أشد تعقيداً، وقد لا تصل الى نتيجة على المدى القصير.

‫0 تعليق